جاء من مدينة القدس رجل قديس اسمه " ميلس
كان قد سمع بالقديس مار يعقوب، فلما رآه قد ابتدأ
في بنيان البيعة، اقترض ثلاثمائة دينار من تجار أهل بلده
وأعطاها للقديس مار يعقوب بركة في بنيان البيعة لأنه
كان يعلم أن القديس لا يملك شيئًا سوى عصاه
وإنجيله.
وبعد ذلك صعد القديس ميلس لينظر القديس مار
أوكين وكان صعوده موافق يوم أحد حيث الإخوة
مجتمعين م ع أبيهم الروحي وتبارك الإخوة من القديس
ميلس وبعد أن تبارك القديسان مع بعضهما بعضًا قال
القديس مار أوكين " السلام لك يا رجل الله القديس
ميلس لأنك لا ترائي الناس فإنك سوف تمضي إلى
المشرق وتوبخ البطريرك بابا المشرق على أخطائه وهو
لا يقبل توبيخك ". فأجابه الق ديس ميلس قائ ً لا "
السلام لك أيها الشيخ الوقور القديس مار أوكين
الذي نظرت الحية الملعونة التي قامت على البيعة
ونظرت هلاكها وهلاك أولادها أيضًا ". فقال له
القديس مار أوكين أيضًا " من أين عرفت هذا يا أخي
الذي أنا قد رأيته ؟ ! " فأجابه القديس ميلس " الذي
أظهر لك هذا يا أبي أظهر لي أنا أيضًا ".
القديس مار أوكين يتنبأ للقديس ميلس
التفت القديس مار أوكين إلى القديس ميلس وقال
" طوباك يا أخي لأنه قد وصل الزمان الذي تصير فيه
ذبيحة لله وشهيدًا من أجل اسم ربنا يسوع المسيح في
بلاد الفرس، إنك مثل بولس الرسول المبشر العظيم
الذي قدم نفسه شهيدًا في يدي نيرون المنافق فسوف
توبخ المنافقين وتشهد لسيدك وتأخذ إكليل الشهادة "
أقام القديس ميلس يومين عند الإخوة القديسين في
الدير وصلوا المزامير مع بعضهم بعضًا ثم ودع الشيخ
الوقور مار أوكين وكل الإخوة القديسين الذين
انفجروا باكين عليه، فق ال لهم " صلوا لأجلي ليجعلني
الرب أن أستحق أن أراكم أمام كرسي مجده لأني لا
أراكم دفعة أخرى في هذه الحياة " تمزق قلوب الإخوة
من هذا الكلام وتألموا ألمًا عظيمًا فقال لهم القديس مار
أوكين " جاهدوا يا أولادي لترثوا الحياة فانظروا كيف
بشجاعة ونشاط وفرح بالسيد الم سيح يمضي القديس
ميلس ليتألم من أجل سيده ربنا يسوع المسيح ويقدم
نفسه ذبيحة حب وينال الشهادة من أجل اسمه ".
( ٢٧ : السموات وفي الأرض ( دا ٦
دعا القديس مار يعقوب القديس مار أوكين
ليشترك معه في صلاة تكريس دير جديد قد بناه،
وحيثما سائر القديس مار أوكين وتلاميذه على شاط ئ
ر دجلة، وجد صبي على النهر يبكي ويرفع التراب
على رأسه تار ة ويضرب بالحجارة صدره تارة أخرى،
مسك القديس يده وقال له " لماذا يا ابني تفعل هذا ؟
لا تقتل نفسك قل لي من أين أنت وما هو سبب
بكائك ؟ ". أجاب الصبي " كيف تساعدني، وأنا
صبي يتيم ليس لي أب وأمي امرأة عجوز لا تستطيع
القيام وأنا كما تراني صبي صغير لا أقدر على ال عمل،
وجئت لأساعد أخي الكبير في قطع قليل من خشب
هذا الغاب فخرج سبع وخطف أخي الكبير ورأيته
بعيني يرفعه ويخبطه في الأرض وأخيرًا أخذه في فمه
ودخل في هذا الغاب، وأنا أريد أن أقتل نفسي على
فراق أخي وكيف رأته عيني يموت، ماذا أقول لأمي ؟ !
موتي خير من حياتي، اتركني أقتل نفسي ". قال له
القديس " لم يكن بجوارك أحدًا ؟ " فأجابه الصبي قائ ً لا
" كان يوجد راعي عندما رأى ذلك جرى إلى القرية
ليخبرهم ويأتي أهلها وينقذوني ".
تألم القديس جدًا من كلام الصبي وجرت دموعه
وقال " تعال يا ابني ارني الموضع الذي دخل فيه السبع
" فمضى الصبي قدام القديس بسرعة لأنه كان متلهفًا
أن يبصر جثة أخيه وجاء الصبي والقديس وتلاميذه
حيث كان السبع والشاب مطروحًا على الأرض
أمامه، وفي تلك اللحظة خاف السبع وهرب وجرى
الصبي الصغير ووقع يبكي على جثة أخيه بكاءً مر ًا.
كان القديس مار أوكين يبكي أيضًا ويمسح دموع
الصبي بثيابه، وكل الإخوة عندما ر أوا الشاب ميتًا
والسبع قد ش أجزاء من جسمه توجعت قلوم
وبكوا بكاءً عظيمًا.
طلب القديس م ار أوكين من الإخوة أن يتضرعوا
إلى السيد المسيح ليرجع حياة الشاب من أجل حنانه
على أمه العجوز وعذاب نفس أخيه الصغير . ووقف
القديس يتضرع ويصلي قائ ً لا " يا ربنا يسوع المسيح
الكثير الرحمة وكنوز رحمتك لا تفرغ، كثير التحنن
على جبلتك، عندما رأيت الأرملة تبكي تحننت عليها
وقلت لها لا تبكي وأقمت ابنها ومسحت دموعها
دون أن يطلب منك أحد، فالآن يا سيدي ليس من
أجلي أنا الخاطيء لكن من أجل تحننك على هذا الصبي
الذي قد صار وحيدًا وليس له معين سواك واختار
الموت أكثر من الحياة ومن أجل تحننك على أمهما
الأرملة العجوز المسكينة التي لا تستطيع الحركة لئلا
يدركها ويل على ويل، رد حياة هذا الشاب ليتمجد
اسمك القدوس، فإن لك اد والإكرام والعزة
والسجود الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين ".
فتح الشاب الميت عينيه ونظر إلى أخيه المطروح
يبكي على صدره فتنهد مرتين، فقام القديس وتلاميذه
وسبحوا الله الذي استجاب إلى تضرعهم وأعطاهم
نفس ذلك الشاب وخرجوا من الغاب وأمر القدس أن
يغسل جسده من الدماء الملطخة وكانت توجد
علامات بعض الجروح في جسده علامة على ما صنع
الله بذلك الإنسان