في ذلك الزمان تنيح مطران، مدينة نصيبين، وكان
شعبها يفكر في م ن يخلفه، فصار بعضهم يقول "فلان"
والبعض الآخر يقول " فلان "، فاختلف أهل المدي نة في
اختيار راعيهم الج ديد، لكنهم اتفقوا برأي واحد
قائلين" نذهب إلى القديس مار أوكين ونصنع ما يشير
به علينا في هذا الأمر ".
ذهب القسوس والشمامسة ورؤساء المدينة ووصلوا
إلى باب قلاية القديس أوكين . خرج القديس أوكين
لهم وطلب منهم أن يترلوا إلى البيعة ويرفعوا ص لاة حتى
يتم قانون صلاته . ففعلوا كما طلب منهم القديس
أوكين.
كان قبل ذلك الحدث بثلاثة أيام جاء إلى القديس
مار أوكين قديس متوحد في أحد الجبال يسمى " مار
يعقوب " وعندما سلم على القديس أوكين تنبأ
القديس أوكين له قائ ً لا " أنا وأنت نتبارك من بعضنا
بعضًا كالإخوة و بعد قليل من الأيام، مثل راعي
ومدبر البيعة أتبارك منك " فأجابه القديس مار يعقوب
قائ ً لا " اغفر لي يا أبي ما أستحق هذا الشيء الذي
تقوله لي ".
نزل القديس أوكين إلى الكنيسة حيث الج مع الذي
لمدينة نصيبين مجتمعًا منتظرًا مجيء القديس أوكين، فلما
رأوه، قاموا له جميع ًا ليتباركوا منه، فكان منظره
مضيء وممجد كمنظر ملاك الرب، لذلك كان له وقار
عظيم، فأشار بيده ليجلسوا دوء حتى يدخل ويسجد
أمام المذبح المقدس وبعد ذلك خرج واتكأ على عكازه
وكان الجمع يزحمه ليتبارك منه، أما هو فكان قد أحس
بسبب مجيئهم قبل أن يخبروه فقال لهم " ي ا أولادي،
من بعد نياحة أبوكم الروحي صعب عليكم في اختيار
راعي ومدبر لكم، كفوا عن الجدال والمشاحنة مع
بعضكم بعض ًا، فليس يصير واحد من الذين تختاروم
راعيًا ومدبرًا لكم ولكن معروف عند الروح القدس
الرجل الذي سيصير مدبرًا لكم، اسمعوا مني، واصعدوا
إلى " أمد " المدينة، هناك تجدون الأب البطريرك
والآباء الأساقفة مجتمعين وهناك الله يختار لكم الراعي
والمدبر " تعجب الجمع جدًا لأنه تكلم معهم عن سبب
مجيئهم قبل أن يخبروه، وقبلوا كلامه بفرح وقدموا له
ميطانية وانصرفوا إلى مدينتهم بسلام في محبة واتفاق
ورأي واحد.
قام الآباء القسوس والشمامسة ورؤساء المدينة إلى
مدينة " أمد " فوجدوا الأب البطريرك والآباء
الأساقفة مجتمعين كما قال لهم القديس مار أوكين،
تباركوا من الأب البطريرك والآباء الأساقفة، ثم سألهم
الأب البطريرك قائ ً لا " من اختر تم أن يكون لكم راعيًا
ومدبرًا "، فأجابوه بما قال لهم القديس أوكين فلما سمع
الآباء المطارنة ما قاله القديس أوكين قالوا ب أجمعهم
" نقدم إلى الله صلوات وطلبات من أجل هذا الأمر
هذه الليلة والرب يختار ".
قام الأب البطريرك والآباء المطارنة مة وعزيمة
طوال ليلتهم يقدمون طلبات إلى الله ويس ألونه أن
يريهم من هو الرجل الذي يختاره لهذه المهمة.
وفي نصف الليل والأب البطريرك قائمًا يصلي
بدموع كثيرة متضرعًا إلى الرب من جهة هذا الأمر،
وإذا هدوء عميق حل عليه وألقى في سبات وأصبح في
نوم عميق وفي نومه رأى ملاكًا قائمًا أمامه قا ئ ً لا له
" مار يعقوب هو الرجل الذي تسألون الرب عنه، ولا
يزال متوحدًا في الجبال وأجرى الله على يديه معجزات
وعجائب والرب اختاره ليرعى ويدبر مدينة نصيبين "
وسال الأب البطريرك عن جنسه فلم يخبره الملاك
وانصرف عنه.
قام الأب البطريرك من نومه وأعلم الآباء برؤيته،
فقاموا في ساعتهم وذهبوا إلى موضع القديس يعقوب
وأخبروه بما حدث وسألوه أن يترل معهم فقال لهم إنه
لا يستحق ذلك، ولكنه علم أن هذا الأمر من الله،
فخاف أن يضاد إرادة الله وتذكر كلام القديس مار
أوكين له " هوذا قد قرب زمانك لترعى قطيع المسيح
" فقام القديس مار يعقوب ونزل معهم ففرحوا به
فرحًا عظيمًا وشكروا الله الذي اختار لهم راعيًا صالحًا.
من أين جنسه ؟!!
فرحت وللت المدينة برسامة القديس مار يعقوب
أسقفًا لها، وأراد الشعب أن يعرف جنسه فلم يشأ أن
يخبرهم. ففي باكر يوم الأحد ذهب القديس مار
أوكين ومعه بعض الإخوة إلى كنيسة مدينة نصيبين
لتهنئة الشعب براعيهم، فلما دخل البيعة بارك وشكر
الله الذي أقام راعيًا صالحًا مثل هذا لبيعته وقال
للشعب " افرحوا ومجدوا الله الذي أهل مدينتكم أن
يكون لها هذا القديس مار يعقوب راعيًا ومدبرًا الذي
جنسه من نسل القديس مار يعقوب الرسول أخو
الرب ا لذي كان أسقفًا على أورشليم في أيام آبائنا
الرسل الأطهار "
نطق القديس مار أوكين هذه الكلمات من قبل
الروح القدس، أما القديس مار يعقوب لم يشأ إظهار
هذا الأمر ل ئلا يكون له سبب للعجب والافتخار، فرح
أهل المدينة جدًا لسماعهم هذا الأمر وشكروا الله
لاختياره لهم هذا الأب وأن يكون بالقرب من مدينتهم
دير يسكنه هؤلاء القديسون وعلى رأسهم القديس مار
أوكين